الأحد، 6 مايو 2012

رِفاقَ الألَم

رِفاقَ الألَم، أبْشروا بالخير وبالأجر العظيم، واسْتمسِكوا بالصَّبر، واحْتسِبوا على الله كل آهةِ ألمٍ، وكلَّ وخزة إبرة؛ فوالله لن تَجدوا أفضلَ ولا أجملَ من أنْ تكونوا مع الله في السِّ...راء والضرَّاء، فربُّكم الرحيم لن يَتخلَّى عنكم، وهو القائل سبحانه:

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157]، هل هناكَ أجمل من هذه البُشرى؛ كي تَزرعَ الطمأنينة فينا، وتَهمِس لنا بثقةٍ ويقين:

• أنَّه لا شيء يَذهب سُدى؟ وسامُ شرف يُتوِّج القلوبَ المكلومة، والعيون الباكية: أنْ تَمهَّلي، هناك دار لا حزن فيها ولا ألَم، سعادة أبديَّة، ثوابُ الصبر شيء لا يَحلُم به بشرٌ، ولا يستطيع أنْ يَتخيَّله بعقْله القاصِر.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله تعالى: أَعددتُ لعِبادي الصَّالِحين ما لا عَين رأتْ، ولا أُذُن سمِعتْ، ولا خَطَر على قَلْبِ بَشرٍ)).

"فاقرؤوا إنْ شئتُم: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17]"؛ رواه البُخاري ومسلم وغيرهما.

إذًا هذا موكِب السعداء، يَقف على باب الكريم؛ يُعلِن فقرَه وحاجتَه إلى ما يَسدُّ به جوعَ رُوحِه، إنَّه يَحتاج إلى جرعة أمان وحنان وطمأنينة، لن يَجدَها أبدًا إلا بين يَدَي ربِّه - عزَّ وجل.

لا أحدَ يُقدِّر آلامَكَ وأحزانكَ وأشجانكَ إلا الذي خَلقَك، فلِمَ تبخل على نفْسك بأنْ تَمدَّ يَديكَ بفقْرٍ وذُل، وتَقول: يا رب؟

بُثَّ إليه أحزانكَ، وأَخبره بما تُعانيه، وهو - سبحانه - يَعلم ما تُخفي الصدور، قل له: يا ربِّي، أنا عليلٌ، ودوائي أنْ تَغمُرني برحمتِكَ، وأنْ تَغسلَ أدرانَ روحي؛ فأعود نقيًّا تَقيًّا.

قل له: يا ربِّي، أنا بدونك لا شيء، كلِّي فقر وحاجة، فلا تَكلني إلى نفْسي طَرفة عينٍ.

وتَذكَّر دائمًا في ظُلماتِ اليأس، وعندما يَصدمُك الطبيب بأنَّه لا علاج، لا أملَ، ردِّد بإيمانٍ ويَقين راسِخ:

﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80].

لا شيء على الإطلاق مُستحيل؛ فالله - سبحانه - قادر على كلِّ شيء، فلا تَجعلْ للشيطان فرصةً أنْ يَتسلَّل إلى قلبِك، يَدس فيه السمَّ القاتِل، وهو اليأس.

وانْطلِق من قيودِكَ، وحلِّق عاليًا في سماء الأمل، وابْتسِم، فلم يَخلُقنا الله كي يُعذِّبنا، ولَمْ يَبتلِنا إلا لكي يعْلَمَ الصابرين منَّا والمُحتسِبين، كُن جبلاً أشمَّ شامخًا، لا تَهزُّه رياح الابتلاءات، ولا تَزيدُه إلا ثباتًا، كن أنت القُدوة لكلِّ من داهمتْه الضراء فأنْستْه السرَّاء، فظلَّ يَتسخَّط، ويَندب حظَّه.

فليَكن الأمل رفيقَ دَربِك، شعارُك دائمًا في وجْه المِحن قوله - عز وجل -:

﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق