السبت، 26 مايو 2012

لا أظننى وحدى الذى عشت تلك اللحظات وباشرت ذلك الشعور

لا أظننى وحدى الذى عشت تلك اللحظات وباشرت ذلك الشعور
ذلك الإحساس المؤنس قد عاشه كل منا حينما بلغ شاطىء البحر والقى بكل همومه خلفه وطرح الدنيا وراءه والقى بنظرة شوق عانقت المياه اللازوردية وغرقت فى لا نهائية الأفق وإستسلمت لتلك المعية المبهمة وذلك الحضور الغيبى ذلك العناق الجميل مع المطلق فأنا وحدى ولست وحدى ..

فمن وراء الزرقة اللازوردية ومن خلف همهمة الموج ومن وراء هذا الاطار البديع واللوحة المرسومة بإعجاز هناك يد الخالق المبدعة لكل هذا .. هناك ذات الرسام إنشقت عنها الحجب واستشفها الوجدان وإستشرفتها البصيرة

فكأنما يدور الخطاب بين ذات الرب وذات العبد .. وكأنما يقول لى ربى:ليس بينى وبينك بين .. ليس بينى وبينك أنت ..هذا أنا وإينما توليت فليس ثمة إلا وجهى
كل شىء لى فكيف تنازعنى مالى كل شىء لى وأنا لا شريك لى حتى “الأنا” لى وأنت تدعيها لنفسك .. وهى لك نفحة متى اعطيها متى أشاء وأستردها متى أشاء

هى لحظة فريدة من لحظات التجرد الكامل يشعر بها أصحاب القلوب فى مجابهة الجمال ..

لحظة من لحظات التبرى والتخلى عن كل الدعاوى والمآرب والأوطار .. والخضوع لصولة الجمال والجلال

لحظة إستنارة وإدراك وتوبة وتنازل وإعادة الحق لصاحبة إرتفع الحجاب .. وما كان حجابى سوى نفسى .. سوى “الانا” المعاندة داخلى .. فما عادت فى داخلى أنانية ولا منازعة ولا إدعاء لحق .. فقد اعدت كل الحق لصاحبه .. لله وحده ..

فالله وحده هو الحقيق بأن يقول ” انا الذى هو أنا ” أنما أقولها انا على وجه الاستعارة

“فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ”
(17-الانفال)”
وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى ”
(17-الأنفال)

فهذا هو الله يفعل على الدوام .. وهو الفعال لكل شىء

وحينما يبدو ان الطبيب هو الذى يشفى والطعام هو الذى يشبع والماء هو الذى يروى والسم هو الذى يقتل .. فانما هى الأسباب تفعل فى الظاهر .. والله من وراء الأسباب يفعل فى الحقيقة ..


د /مصطفـى محمــــــود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق